وانقطع المشهد .. خاطرة من متطفل على الكتابة ..
شاركت بها في الأمسية الأدبية بملتقى بناء الأجيال .. 15 - 5 - 1431 ،،
،،
في لحظات .. أو قل لحيظات تأمل ..
وجدتني أنظر إلى نفسي .. أنظر إلى ما تبقى من شريط حياتي ..
رفيق وصاحب .. أهل وأقارب .. من شغل إلى شغل .. ومن عمل إلى عمل ،
أيام تمضي وسنون تمر ،
حتى حان الوقت .. وجاء ملك الموت ..جاء ليقبض الروح ..
وفجأة .. انقطع المشهد .. !
وإذا بي في مشهد آخر .. أراني محمولا على خشبة .. مقودًا إلى أرض خربة .. أرضٍ لا أعرفها ..
ولكن ..
من حولي وجوه آلفها .. وجوه طالما أنست بها .. هذا أبي .. وذاك عمي .. وهؤلاء أصحابي ..
جميعهم وضعوني في حفرة مظلمة .. وحجرة موحشة .. ،
وضعوني وأهالوا التراب علي .. وسريعًا تركوني ..
أسمع أصواتهم تبتعد .. وتبعتد .. وتبتعد
ها أنا أجد نفسي وحيدًا في هذه العتمة .. لا تحيط بي إلا التربة ،
هاهي لحظات حياتي تمر أمامي تذكرني بما عملت من خير وشر ..
وبينما أنا كذلك .. إذ بملكين عظيمين .. أسودين أزرقين .. علي مقبلين .. يقولان ..
من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك؟ ..
وفجأة .. انقطع المشهد ..!
انتقلت لمشهد آخر..
هذه المرة أجد نفسي وسط زحام شديد .. الكل مذعور .. الخوف يبدو على وجوه الجميع ..
أين الجبال ؟ .. أين الأنهار؟ .. أين البحار؟ ..
الأرض غير الأرض .. والسماء غير السماء .. يشتد الحر .. ويقول الجميع : أين المفر ؟
تلفت حولي .. الكل يقول نفسي نفسي .. أهلي أقاربي وأصحابي .. كلهم يقول نفسي نفسي .. الأنبياء يقولون نفسي نفسي ..
حتى يأتي سيد الخلق .. ويشفع لهم عند الحق ..
وإذ بنور تشرق به السماوات والأرض .. ليبدأ الحساب والعرض ..
ينادي منادٍ ..فلان ابن فلان ..انه اسمي .. هلم للعرض على الجبار ..
وفجأة .. انقطع المشهد .. !
وهاهو مشهد آخر ..
أرى أمامي جسرًا .. ليس كأي جسر ..
النار من تحته .. ولا أدق من حده ..
الناس عليه عابرون .. وفي عبورهم مختلفون .. هذا يمر .. وهذا يخر .. ذاك يحبو .. وآخر يعدو ..
وحان دوري .. هممت لأضع قدمي ..
وفجأة .. انقطع المشهد ..!
هذه المرة أفقت .. لا .. بل عدت بعد استفاقة تذكرت فيها ما عنه غفلت ..
تذكرت فيها تلك المشاهد ..
تذكرت أن بيدي الآن الأدوات التي تجعلني أكمل تلك المشاهد بما يسرني ..
التقوى والبر ، الصلاة والزكاة والصيام والذكر ... الخوف والرجاء ، الصدق والدعاء ... وغيرها وغيرها ..
{ وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون } ..
إخواني وأحبابي ..
الموت وسكراته ،
القبر وظلماته ،
البعث وأهواله ،
والصراط وزلاته ..
كلنا سيرى تلك المشاهد بنفسه ..
كلنا سيكون هناك ..
وثمَ لن ينقطع المشهد !
،،